واحدة من أشهر المشكلات الجينية وأكثرها شيوعا هي متلازمة داون ، وتشمل مجموعة من التغيرات الجسدية وتغيرات النمو التي تحدث نتيجة الخلل الوراثي في كروموسوم 21.
يحدث الخلل الجيني نتيجة انقسام غير طبيعي في الخلايا ينتج عنه زيادة في تكوين كروموسوم 21 ليصبح مكونا من ثلاثة نسخ بدلا من اثنين.
لذلك تسمى أحيانا متلازمة التثلث الصبغي 21، يتسبب هذا الخلل الوراثي في تغيرات في الصفات الجسدية والنفسية.
تتفاوت حدة أعراض متلازمة داون بين المصابين. غالبا ما تسبب الإعاقة الذهنية وصعوبات التعلم لدى الأطفال، كما قد يصاحبها اضطرابات طبية مثل اضطرابات القلب والجهاز الهضمي.
أعراض متلازمة داون
تختلف حدة الأعراض من طفل لآخر. تتفاوت حدة التأخر العقلي وتأخر النمو من خفيفة إلى شديدة. كما قد يكون الطفل سليما جسديا بينما يعاني البعض من المشكلات الصحية مثل تشوهات القلب.
يتميز الأطفال الذين يعانون من هذه المتلازمة بصفات شكلية مميزة رغم اختلاف ملامحهم. أبرز هذه الملامح هي:
- الرأس الصغير والرقبة القصيرة
- الوجه المسطح خاصة عند النظر من الجانب
- اللسان البارز نتيجة كبر حجم اللسان بالمقارنة بالتجويف الفمي
- العيون المسحوبة إلى الأعلى
- الأذن الصغيرة أو ذات الشكل الغريب
- الأيدي العريضة القصيرة وتتميز بخط واحد في كف اليد
- المرونة المفرطة وضعف العضلات
- قصر الطول في أغلب الحالات
قد يكون الطفل المصاب بهذا الخلل الجيني يمتلك جسما عاديا ومظهرا قريبا من الطبيعي، ولكنه في المعتاد ينمو بمعدل أبطأ ويكون أقصر من أقرانه ومن هم في مثل عمره.
ما هي أسباب متلازمة داون ؟
ينقل الوالدان جيناتهم إلى أطفالهم بالتساوي، يرث الطفل نصف عدد الكروموسومات الحاملة للجينات من الأب والنصف الآخر من الأم.
عندما يبدأ جسم الجنين في التكون وتنمو خلاياه، تتلقى كل خلية 46 كروموسوم تشكل 23 زوجا. هذه الكروموسومات تحمل كل جينات الطفل.
عندما لا ينفصل كروموسوم 21 بالشكل الصحيح، ينتج عن ذلك نسخة إضافية. يحصل الطفل على ثلاث نسخ من كروموسوم 21 بدلا من نسختين.
هذا الكروموسوم الإضافي هو المسؤول عن مشاكل النمو العقلي والسمات الجسدية الذي يشكل المعالم المميزة لمتلازمة داون.
في بعض الحالات، لا يكون لدى الشخص نسخ إضافية من كروموسوم 21 في جميع الخلايا ولكن بعضها فقط. ولذلك تكون الأعراض أقل حدة إلى حد كبير.
يحدث هذا الخلل الجيني نتيجة لعدة أسباب أو عوامل خطر، ويعد هو الاضطراب الجيني الأكثر شيوعا على مستوى العالم.
ما هي عوامل الخطر؟
لا يزال السبب الأساسي وراء حدوث الخلل الجيني غير معلوم على وجه الدقة.
ولكن هناك بعض عوامل الخطر التي تجعل بعض الآباء أكثر عرضة للحصول على طفل مصاب بهذه المتلازمة.
من ضمن عوامل الخطر:
تأخر سن الإنجاب
كلما تقدمت المرأة في العمر، تزيد فرص حصولها على طفل مصاب بمتلازمة داون.
تكون بويضات السيدات في عمر ما بعد 35 أكثر عرضة لحدوث أخطاء أثناء الانقسام الصبغي.
ومع ذلك، معظم الأطفال المصابين بهذه المتلازمة ولدوا لأمهات أصغر من سن 35، لأن معظم السيدات يحملن قبل هذا السن.
كما أن ارتفاع سن الأب يزيد من نسبة الخطورة أيضا.
ولادة طفل لديه متلازمة داون
إذا كانت العائلة لديها طفل لديه هذه المتلازمة، أو كان الآباء أو الأمهات يعانون من خلل في الانقسام الجيني.
هذا يجعلهم أكثر عرضة لإنجاب طفل آخر مصاب بنفس المتلازمة.
لذلك، ينصح بزيارة متخصصي الأمراض الوراثية لدراسة فرص إنجاب أطفال أصحاء أو مصابين.
عوامل الوراثة
إذا كان أحد الوالدين حاملا للخلل الصبغي في كروموسوم 21، يمكنهم نقل هذا الخلل الصبغي لأطفالهم.
ورغم ذلك، في أغلب الأحيان يولد هؤلاء الأطفال لوالدين أصحاء. عادة ما يكون الخلل طفرة وراثية في انقسام الخلايا
كيف يمكنك دعم مولود متلازمة داون ؟
من الطبيعي أن تواجهك مشاعر الخوف والقلق وحتى الحزن والغضب إذا أخبرك الطبيب أن طفلك مصاب بخلل جيني.
ربما لا تعلم ما عليك توقعه أو تشعر بالقلق حيال قدرتك على رعايته. لذلك أفضل حل هو العثور على المعلومات المطلوبة.
تعلم كيف يمكنك دعم طفلك والعناية به:
برامج التدخل المبكر
من المفيد الحصول على التشخيص والدعم مبكرا. تهدف هذه البرامج لتحفيز الأطفال في سن مبكرة وتنمية مهاراتهم.
الكثير من الأطفال يستجيبون لبرامج الدعم ويصلون لدرجة معقولة من تطور المهارات الحركية واللغوية.
كما أن كثيرا منهم يطور مهاراته الاجتماعية وكيف يمكنه العناية بنفسه.
خيارات التعليم
حاول التعرف على الخيارات التعليمية التي تناسب احتياجات طفلك. بعض الأطفال تحتاج إلى فصول التعليم الخاص، بينما يمكن للبعض الاندماج في المدارس العادية.
ناقش مع المتخصصين الاختيارات المتاحة وأيهم سيكون أنسب لطفلك ويفيد في تنمية مهاراته وقدراته.
المشاركة في الأنشطة الاجتماعية
يستطيع الأطفال والبالغين ممن يعانون من متلازمة داون التمتع بالأنشطة الترفيهية والاجتماعية، قلوبهم الرقيقة وابتساماتهم الدائمة ستكون هي مصدر البهجة.
خصص وقتا للقيام بالنزهات والزيارات العائلية مع طفلك. ابحث عن الأنشطة الترفيهية المتاحة بالقرب من مسكنك، أو النوادي الرياضية مثلا.
ابحث عن المدربين المؤهلين للتعامل مع هؤلاء الأطفال بالطريقة المثلى، الأمر ليس صعبا ولكن قد يحتاج لبعض التعديلات.
مجموعات الدعم
لحسن الحظ سهل التواصل الإلكتروني والسوشيال ميديا على الكثير من العائلات الانخراط في مجموعات الدعم.
من المفيد لك ولطفلك التواصل مع أسر تواجه نفس المشكلة، سيكونون مصدر للفهم والمعلومات ويقدمون لك الدعم المطلوب.
كما يمكنكم تحديد المواعيد للقاءات جماعية ليستمتع الأطفال سويا وتتبادلون الخبرات والمعلومات.
تنمية الاستقلالية
كل طفل لديه قدرات خاصة به، مع الدعم والممارسة سيكون طفلك قادرا على العناية بنفسه. المطلوب منك هو تشجيع استقلاليته.
يمكن لطفلك أن يكون قادرا على العناية الشخصية بنفسه وخلع ملابسه وارتدائها وتحضير بعض الطعام وغيرها من المهام.
رغم حرصك الشديد على رعاية طفلك، لا تندفع للقيام بهذه المهام بدلا منه.
حاول تنمية شعوره بالاستقلال وتحفيزه للاعتماد على نفسه بقدر الإمكان، يمكن للطبيب أن يخبرك المزيد حول قدرات طفلك الخاصة.
الاستعداد لمراحل النمو المختلفة
سيمر طفلك بمرحلة المراهقة والبلوغ، لذلك ينبغي أن تكون مستعدا لذلك.
احصل على المعلومات حول تأهيل طفلك لهذه المرحلة، يمكنك الاستعانة بنصيحة المتخصصين.
كما عليك أن تعرف كيف يمكنك التعامل معه وتنمية شخصيته. اسمح له باستكشاف المزيد حول العالم المحيط به والقيام بأنشطة اجتماعية وترفيهية.
يمكنك أن تشجعه على العمل في الخدمة المجتمعية أو الاشتراك في ورش العمل. اسأل على الفرص المتاحة بالقرب منك.
كن متفائلا وتوقع مستقبلا مشرقا لطفلك. معظم المصابين بمتلازمة داون يذهبون إلى المدرسة ويحصلون على قدر معقول من التعليم ويستطيعون الاندماج في الوظائف المناسبة لهم.
كن واثقا أن المستقبل يحمل الأفضل لطفلك وأنه سوف يحيا حياة مليئة بالانجازات، وسيحصل على السعادة التي تليق بقلبه النقي.