“أشعر أنني أكلم نفسي طوال الوقت، لم يعد بيننا حوار. أين ضاع الحب ولماذا اختفت ساعات الحوار الطويلة بيننا؟ لماذا أصبحت تهملني؟ لماذا أصاب علاقتنا الخرس الزوجي؟ “
هذه العبارات ربما تكون قد سمعتها من زوجتك من قبل، أو تكون قد عبرت عن شكواها من فقدان الحوار بينكما وافتقادها لعلاقتكما السابقة.
إذا كنت قد تعرضت لهذه الموقف، فربما يكون عليك التوقف قليلا والالتفات لهذه المؤشرات التي تدل على أن زواجك يعاني من بعض الاضطراب.
ما هو الخرس الزوجي؟
تعد هذه المشكلة ظاهرة من الظواهر التي تغزو البيوت وتهدد بتدميرها وانهيارها.
بمرور الوقت تشعر أن هناك حائط يستمر في الارتفاع بينكما، وتمتد دقائق الصمت لتصبح ساعات وأيام.
صمت كئيب موحش بلا دفء ولا شغف، وعندما تفقد إحساسك بالاستياء من هذا الوضع وتصبح معتادا على هذه العلاقة الفاترة، تكون المشكلة قد نخرت أساسات زواجكم وأصبح مهددا فعلا بالانهيار.
يعد التواصل السليم بين الزوجين دعامة قوية من دعامات الحياة الزوجية.
فلا بد أن يكون الزوجان قادرين على التواصل بشكل جيد، وإبقاء لغة الحوار بينهما وتبادل الأفكار والنقاش حول حياتهما اليومية واهتماماتهما المشتركة.
أما السكوت السلبي والرد المقتضب، وتعمد أحد الطرفين سد قنوات الحوار مع الطرف الآخر، فهو ينذر بوجود مشكلة جدية.
ما هي أسباب الخرس الزوجي؟
هناك الكثير من الأسباب التي قد تؤدي إلى فتور العلاقة بين الزوجين، منها ما هو خارج عن إرادتهما.
ولكن رغم ذلك، ليس هناك ما لا يمكن حله إذا كان كل من الزوجين حريص على استمرار هذا الزواج.
البيئة ومحيط التربية
واحد من أهم العوامل التي تؤثر على علاقتك بالآخرين بما في ذلك علاقتك بزوجتك، هي البيئة التي نشأت فيها.
لعل الكثير من الناس يجهلون التأثير الكبير لمرحلة الطفولة والنشأة على حياتنا كناضجين، ولكن في الواقع هذه المرحلة لها دور كبير.
لذلك، إذا كان أحد الزوجين قد تربى في بيت يعاني من الخرس الزوجي، فقد يكون هذا السلوك هو المعتاد لديه أو هو الصورة المألوفة للحياة المنزلية.
ورغم كون هذا السبب من الأسباب اللا إرادية، إلا أنه بالقليل من المجهود والإصرار يمكنك التغلب على أي عائق والحفاظ على نجاح زواجك.
غياب الاهتمامات المشتركة يسبب الخرس الزوجي
دائما ما ينصح خبراء العلاقات الزوجية باختيار شريكة حياة تربطك بها اهتمامات مشتركة ولغة حوار مستمرة.
ورغم أن في بداية الزواج أو فترة الخطبة قد تجد أن هناك الكثير من الاهتمامات المشتركة، إلا أنه بعد الزواج قد يتغير الوضع.
فمن الشائع أن ينشغل الزوج بأصدقائه وعمله وهاتفه المحمول وتصفح الإنترنت، بالإضافة إلى متابعة الرياضة والسيارات وغير ذلك.
أما الزوجة فتصبح طاقتها بالكامل موجهة نحو أولادها والأعمال المنزلية والعلاقات الأسرية والاجتماعية.
بمرور الوقت يقل الكلام بين الزوجين ويغيب الحوار بينهما، ولا يصبح هناك شيء مشترك للكلام عنه.
ضغط العمل والظروف المالية
ربما يكون هذا السبب هو السبب الرئيسي لإصابة الرجال بمشكلة الخرس الزوجي.
فمع ازدياد ضغط العمل والأعباء المادية، يزداد ثقل المسؤولية الملقاة على عاتق الرجل ويشعر بالتوتر العصبي.
كما أنه يشعر بضرورة السعي بجهد أكبر لإيجاد المال لتلبية احتياجات أسرته المتزايدة.
ومع استمرار هذا الوضع يبدأ الزوج في الانفصال نفسيا وعاطفيا عن أسرته والاستغراق في مشاكله الشخصية.
لذلك، عادة ما يقال أن الطلاق العاطفي يتناسب عكسيا مع الحالة المادية.
هذا يعني أنه كلما كانت الظروف المادية غير مستقرة، تزداد الفجوة العاطفية بين الزوجين ويقل الترابط بينهما.
البخل العاطفي يؤدي إلى الخرس الزوجي
يعتقد الكثير من الرجال أن لا حاجة لمدح الزوجة أو إطرائها بالكلمات الجميلة المنمقة.
ففي رأيه، هي تقوم بوظيفتها في المنزل لا أكثر من ذلك. أما الكلام العاطفي المعسول فقد انتهى منذ أيام الزواج الأولى.
كما أنهم لا يفهمون لماذا تطالب الزوجة بالاهتمام العاطفي، بينما كل احتياجاتها المادية ملباة؟
ولكن في الحقيقة، تحتاج النساء إلى المشاعر والعواطف كحاجتها إلى الطعام والشراب.
وعندما يقابلها الصد من الزوج، أو الأسوأ من ذلك، السخرية من مشاعرها، فهي تلجأ إلى الصمت الذي يمتد ليصبح مشكلة حقيقية.
كيف يمكنك تجنب مشكلة الخرس الزوجي؟
ننصحك بعدم الاستهانة بهذه المشكلة.
ربما تعتقد أنها مشكلة بسيطة أو تافهة، أو كغيرها من الأمور العاطفية التي توليها النساء اهتماما كبيرا.
ولكن في الواقع، يمتد تأثير الخرس الزوجي ليشمل الأبناء أيضا. لذلك، إذا كنت تريد تربية أبنائك في بيئة صحية، فعليكم أنتم الاثنين السعي لإيجاد حل.
قضاء الوقت كعائلة
مهما كان ضغط العمل كثيفا أو الأعمال المنزلية متراكمة، حاولا توفير بعض الوقت لقضاء الوقت كعائلة.
يمكنكم الجلوس وتبادل الحكايات حول ما حدث خلال اليوم، أو مناقشة أي من أمور الحياة مع أبنائكم.
أو حتى الجلوس سويا أمام التلفاز ومشاهدة فيلم عائلي أو برنامج هادف.
كما ينبغي أن تتناول الأسرة ولو وجبة واحدة يوميا معا، فتناول الطعام معا هام لصحة الأطفال ونموهم السليم.
كما أنه وقت لطيف لإجراء الحوارات السلسة وملاطفة الأبناء.
تجنب الخلافات والمشاكل
هل هناك بيت يخلو من المشاكل؟
من المؤكد أن جميع البيوت تشهد أحيانا بعض الخلافات أو الجدال الذي ترتفع حدته قليلا، ولكن الفارق هو لغة الحوار.
كن حريصا على خلق لغة حوار مع زوجتك قائمة على التفاهم والاحترام المتبادل.
فلا بد أن تكونا مدركين أن العصبية وتبادل الاتهامات والصياح المستمر لن يؤدي إلى نتيجة، بل سوف يزيد الأمور اضطرابا.
لذلك فالأفضل هو إيجاد حلول مناسبة للخلاف، والاتفاق المسبق على التفكير بعقلانية والتشاور في الأمور الحياتية.
كما ينبغي عدم التوقف أمام كل أمر تافه وتضخيمه لخلق مشكلة، فكل هذه الخلافات تؤثر على رصيدكما العاطفي لدى بعضكما البعض.
المودة والرحمة تحارب الخرس الزوجي
كما قال الله تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً “.
فالهدف من الزواج هو السكن، لا التعالي والتكبر والتعامل بقسوة وعنف. فعندما يتعامل أحد الزوجين مع الآخر بقسوة يفضل الطرف الثاني الابتعاد والصمت.
وأنت -عزيزي الزوج- رب هذه الأسرة والمسؤول عنها، كما أنك الطرف الأكثر عقلانية ونضجا. لذلك، يقع على عاتقك مسؤولية الحفاظ على البيت، وإحاطة زوجتك بالمودة والحنان.
تذكر دائما أن النساء تحب سماع الإطراء، ومن غيرك يمكن أن يثني عليها ويمدحها؟
قل لها عبارة شكر إذا أعدت وجبة شهية، أو عبر عن إعجابك بثيابها الجديدة التي ارتدتها خصيصا لتنال إعجابك.
هذه اللفتات البسيطة تزيد من الحب وتحافظ على التواصل والترابط بينكما.
إعداد البيئة المناسبة لتربية الأبناء
لتعرف أهمية علاج مشكلة الخرس الزوجي، تذكر أن أبناءك قد يعانون من هذه المشكلة في المستقبل.
فما يراه الأبناء في بيوتهم يؤثر على سلوكهم فيما بعد، لذلك عليك تربية الأبناء على الصراحة والنقاش والتعبير عن أنفسهم.
كما عليك أن تنصت إليهم وتشجعهم على الحديث وعدم الخوف، والتأكيد على أهمية لغة الحوار المشتركة التي تقوم على الاحترام المتبادل.
وهذا لا يشمل الأولاد فقط، بل أن تربية البنات منذ الصغر على حرية التفكير والتعبير يضمن لها أن تكون ذات شخصية مستقلة فيما بعد.
لذلك، عزيزي الزوج والأب، عليك أنت وزوجتك أن تحرصا على أن تكونا قدوة لأبنائكم، وأن تربوهم في بيئة صحية حتى تقدموا للمجتمع رجال ونساء أسوياء.
اقرأ أيضا: نصائح عليك معرفتها في تربية البنات