في فترة الخطبة وبدايات الحياة الزوجية، قد يكون من الممتع أن يحاول الزوجين قضاء كل الوقت معًا، ولكن بمرور الوقت قد تبدأ في الشعور بأنك مقيد وتبحث عن المساحة الشخصية الخاصة بك.
تؤكد الدراسات أن التواجد في مكان واحد طوال الوقت لا يشجع التواصل السليم والصحي بين الزوجين.
بل أن هذا السلوك قد يسبب الملل والفتور في العلاقة، بينما يساعد احترام خصوصية كل طرف من العلاقة على تحقيق تواصل أفضل وأروع.
كيف تحافظ على خصوصيتك بعد الزواج؟ وكيف تقنع شريكتك بذلك؟ هذا ما سوف نعرفه في هذا المقال.
ما هي أهمية المساحة الشخصية؟
العلاقات التي تقوم على أن الطرفين يذوبان في كيان واحد، يمارسان نفس الهوايات ويتصرفان بنفس الطريقة لا تعني أنها علاقة ناجحة.
بل أن هذه العلاقات عادة ما تدل على أن أحد الشريكين يكبت حاجاته الخاصة وميوله ورغباته، وينصاع لرغبات الطرف الآخر.
كما أن المقصود هنا ليس المساحة الجسدية فقط، بل أنها تشمل أن تسمح للطرف الآخر بالتعبير عن رأيه وأفكاره بحرية.
احترام الخصوصية يعزز نمو الفرد، ويطيل من عمر العلاقة ومن فرص نجاحها.
كيف تقنع شريكتك باحترام خصوصيتك؟
قد لا تكون شريكة حياتك تدرك مفهومك للمساحة الشخصية.
على سبيل المثال، قد لا ترى أن معرفتها كود هاتفك السري هو اختراق لخصوصيتك.
بل تعتقد أنها تمنحك المساحة المطلوبة إذا كان بإمكانك أن تقضي وقتا بمفردك أو مع أصدقائك.
الكثير من المشكلات الزوجية سببها التعريف المختلف للخصوصية والحقوق الشخصية، فهذه الحقوق لها تعريفات متعددة وفقا للثقافات المختلفة.
ولكن أهم هذه التعريفات وأكثرها قبولا هي أن الخصوصية المطلوبة هي الحدود غير المرئية التي يصنعها كل فرد بنفسه في علاقاته مع الآخرين.
ولذلك، فمن الضروري أن يكون هناك حوار مفتوح بين الزوجين، يتبادلان فيه وجهات النظر حول هذه الأمور.
إليك بعض النصائح التي سوف تسهل التواصل بينكما:
اسأل زوجتك عن تعريفها لمفهوم المساحة الشخصية
قد تبدو هذه النصيحة بسيطة وبديهية، أو قد تعتقد أنه سؤال سطحي.
ولكن سوف تفاجئك الإجابة وتشعر بأهمية معرفة المفاهيم المختلفة التي نشأ عليها كل منكما.
قد يصر أحد الطرفين على السرية في موضوع معين ويراه انتهاك بالغ لخصوصيته، بينما الطرف الآخر يتقبل نفس الموقف ولا يعتبره كذلك.
احترام الخصوصية لا يحتاج إلى مبررات، فهو أمر مطلوب وصحي بين الزوجين.
ولكن قد يكون كل ما تحتاجان إليه هو مراجعة الحدود غير المرئية التي يضعها كل منكما لنفسه، وتعريف الآخر عليها.
ابدأ بنفسك واحترم خصوصيتها
عادة ما يميل الرجال إلى منح أنفسهم المزيد من الحقوق، رغم أن المساحة الشخصية هي حق لكلا الزوجين.
إذا كانت مهنة زوجتك أو هوايتها تتطلب احتفاظها ببعض الأدوات أو القطع الدقيقة، أو كانت تحب الاحتفاظ بأغراض خاصة بها أو ذات قيمة، لا ينبغي لك أن تمنك نفسك الحق في تفقد هذه الأشياء.
وبالتأكيد ليس من حقك الاستيلاء عليها، فهذه هي ملكيتها الخاصة التي لا يجوز لك التعدي عليها.
امنحها الخصوصية التي تتوق إليها واحترم الحدود التي وضعتها لنفسها، وهذا سوف يجعلها أكثر قدرة على احترام خصوصيتك بدورها.
اقرأ أيضا: كيف تصبح جنتل مان في عيون النساء
خصص مساحات شخصية في المنزل
رغم أنك قد تعتقد أن زوجتك تحب تواجدك معها طيلة الوقت، إلا أن هذا قد لا يكون أفضل شيء لعلاقتكما.
خصص لنفسك مكانًا مميزا في المنزل، وشجع زوجتك على فعل ذلك أيضا.
جهز هذه المساحة الخاصة كما تحب، لتصبح ملجأك عندما تحب أن تقضي وقت بمفردك.
كما يكنك أن تمارس فيها هواياتك الخاصة أو تتمتع بالقراءة أو سماع الموسيقى.
لست بحاجة إلى منزل كبير أو غرف مستقلة لتحقيق ذلك، مقعد مريح ومنضدة صغيرة ستفي بالغرض.
احترام الخيارات الشخصية
من الطبيعي أن يكون لك رأي مختلف في بعض الأشياء التي تقوم بها زوجتك أو العكس.
فقد لا يروق لك هوايتها المفضلة، أو تكون هي لا تشعر بالراحة حيال أصدقائك أو من تقضي معهم أوقاتك.
ينبغي على كل منكما أن يحترم اختيارات الآخر الشخصية، فهي جزء من المساحة الشخصية التي يحتفظ بها كل منكما.
لا داعي للشكوى أو الثرثرة بشأن اختيارها لقضاء الكثير من الوقت أمام التلفاز، طالما أن ذلك لا يؤثر عليك أو يزعجك.
كما أن عليها ألا تصدر أحكاما حول أصدقائك أو مكان عملك، فهذا هو اختيارك الخاص.
إذا حاولت أن تكون دائما المبادر في احترام خصوصية زوجتك وقراراتها، سوف يفاجئك مدى قدرتها على مبادلتك بالمثل.
قضاء بعض الوقت بمفردك
إذا ما كانت زوجتك تصر على مرافقتك دائما في أي مكان تذهب إليه، أو كنت تغضب عندما تقرر الخروج مع أصدقائها أو زيارة أهلها، فمن المؤكد أن علاقتكما سوف يشوبها الملل والضجر.
اقرأ أيضا: كيف تتغلب على أزمة منتصف العمر
احترام المساحة الشخصية يقضي بأن يعرف كل منكما أن الآخر بحاجة إلى بعض الوقت بمفرده.
هذا لا يعني أن شريكتك لا تحبك، أو أنها تشعر بالملل معك، فالتواصل الزائد عن الحد ليس هو الدليل المطلوب عن الحب.
بمرور الوقت سوف يشعر الطرف الآخر أنه حبيس هذه العلاقة، وأنه معزول عن الحياة الاجتماعية.
خصص بعض الوقت من حين لآخر للخروج مع أصدقائك القدامى أو زيارة عائلتك، واسمح لزوجتك بنفس الوقت عندما ترغب في ذلك.
الذكاء في العلاقة الزوجية ينبع من معرفة المسافة التي يمكنك منحها للطرف الآخر، والتي تزيد من تأجج الحب بينكما ولا تسمح له بالفتور.
المكاشفة الزائدة تضر بالمساحة الشخصية
في بداية العلاقات العاطفية قد يندفع كل طرف إلى مكاشفة الطرف الآخر بالكثير من التفاصيل.
قد تكون معظم هذه التفاصيل غير مطلوبة، خاصة إذا ما اشتملت على أسرار أشخاص آخرين مثل أصدقائك أو أفراد عائلتك.
العلاقات الصحية تعتمد على الثقة المتبادلة بين الزوجين، فليس المطلوب هو أن يكشف كل طرف للآخر جميع أسرار حياته.
الخصوصية واحترام المساحة الشخصية هي أمور محمودة بين الزوجين، طالما أنها لا تسيء إلى أي طرف منهما.
ظروف التنشئة في المجتمعات العربية قد تدفع الزوج إلى رفض هذه النقطة، فهو يشعر أن معرفة كل شيء عن زوجته هو من حقه.
وهذا ما قد يغضب الزوجة ويشعرها بالظلم، خاصة إذا كان الزوج يصر على احتفاظه بأسراره، ولا يبادلها نفس المصارحة.
ولأن مرجعنا الأساسي هو الدين، ينبغي أن نتذكر دائما أن تعاليم الدين تحث على احترام المساحة الشخصية لكل شخص، وألا يتجسس شخص على الآخر.
قد يكون السبب في رغبة الزوج في ذلك هو حب الامتلاك أو الرغبة في السيطرة، وهذه الأمور قد تفسد العلاقة إذا ما تجاوزت حدها.