هل سمعت من قبل عن اضطراب التوحد عند الأطفال؟ تعرف على أعراض التوحد وكيف يمكن علاج التوحد والتعامل معه.
ربما رأيت من قبل بين أقاربك أو محيطك الاجتماعي طفلا شعرت أنه لا يتفاعل جيدا مع باقي الأطفال. وربما تكون قد سألت لماذا يرفض الاستجابة لك أو التواصل مع أقرانه، فأخبرك الأهل أنه مصاب بالتوحد؟
في البداية، عليك أن تعلم أن التوحد ليس مرضا, بل هو نوع من الاضطرابات المعروفة باسم اضطرابات طيف التوحد (Autistic spectrum disorders ASD).
تؤثر هذه الاضطرابات على التواصل الاجتماعي، مما يسبب للطفل مشكلات في التفاعل مع الآخرين. كما تتميز بأنماط متكررة من السلوك، فمن الممكن أن الطفل يكرر حركة معينة بشكل مستمر.
كما أن التوحد ليس تأخرا عقليا ولا يعني انخفاض مستوى الذكاء. على العكس من ذلك، عادة ما يكون المصابون بهذا الاضطراب يتمتعون بقدرات مميزة في مجال ما، وتبرز مواهبهم إذا تلقوا التعليم المناسب.
يتم تشخيص الاضطراب التوحدي عند الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة. عادة ما يلاحظ الوالدين أعراض التوحد على الطفل في عامه الأول، لكن البعض قد تتأخر الأعراض في الظهور حتى العام الثاني من العمر.
أعراض التوحد عند الأطفال
تظهر أعراض التوحد عند الأطفال قبل بلوغ الطفل عامه الثالث. كما يمكن أن تظهر بعض العلامات منذ الولادة.
وتختلف الأعراض من طفل لآخر، لكن من المؤكد أن الطفل يعاني من صعوبات في ثلاث مجالات أساسية من مجالات تطور نمو الطفل وهي:
- التواصل الاجتماعي
- اللغة
- السلوك
وتشمل أعراض التوحد عند الأطفال الأعراض التالية:
نقص مهارات التواصل الاجتماعي
من المميز للطفل المصاب أنه لا يقوم بالتواصل البصري المباشر. كما غالبا ما تجده يلعب بمفرده أو تشعر أنه في عالم خاص به.
لا يبدي الطفل اهتماما لما يدور حوله، ستشعر أنه منفصل عن محيطه الخارجي.
لا يستجيب الطفل للنداء، وغالبا ما يبدو أنه لا يسمعك إذا حاولت إجراء حوار معه.
ومن الأعراض الشائعة للتوحد عند الأطفال أن يرفض الطفل اللمس أو الاحتضان. كما عادة ما لا تتماشى تعبيرات وجهه مع الموقف.
تأخر التطور اللغوي
غالبا ما يتأخر الطفل المصاب بالتوحد في الكلام، وفي بعض الأحيان يفقد المهارات اللغوية التي كان قد اكتسبها.
يتحدث بصوت غريب أو نبرة ثابتة، أو بإيقاع وتير يشبه الإنسان الآلي.
يكرر الكلمات والمصطلحات ولكن دون استخدامها بطريقة صحيحة. كذلك لا يجيد استخدام الضمائر المناسبة.
الاضطراب السلوكي
من الأعراض المميزة للتوحد عند الأطفال السلوكيات المتكررة مثل تكرار حركة معينة ربما تبدو غير ذات معنى مثل الدوران أو تحريك اليدين.
لا يتقبل الطفل المصاب بالتوحد التغييرات بسهولة، يفقد أعصابه بسهولة عند حدوث أدنى تغيير في عاداته أو روتينه.
قد تلاحظ أن الطفل ينتبه بشدة لجزء معين من الأغراض المحيطة به، مثلا يتابع دوران المروحة أو عجلات اللعبة.
يكون الطفل شديد الحساسية للمس أو الصوت العالي. لكنه لا يبالي بالألم أو الحرارة والبرودة.
تختلف أعراض التوحد عند الأطفال في حدتها ونوعها من طفل لآخر. أحيانا يكون من الصعب تحديد مدى شدة المرض، بسبب المزيج من الأعراض عند كل طفل. تعتمد شدة المرض على تأثيره على حياة الطفل وقدرته على ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي.
هل يكون طفل التوحد متأخر عقليا؟
عادة ما يكون الأطفال المصابين بالتوحد ذوي ذكاء طبيعي أو حتى مرتفع. وهم قادرين بسهولة على التعلم سمعيا وبصريا، لكن ربما يكون لديهم مشكلة في التواصل وتطبيق ما يتعلمونه في الحياة اليومية.
يتميز الطفل بذاكرة قوية تساعده على تذكر المعلومات لفترة طويلة. كما أن قدرته القوية على الملاحظة تمكنه من الانتباه للكثير من التفاصيل. وعادة ما يكون الطفل مميزا في أحد المجالات العلمية مثل الحساب أو العلوم أو الفنون.
أسباب التوحد عند الأطفال
حتى الآن، لا يوجد سبب معروف للاضطرابات التوحدية عند الأطفال، لكن هناك بعض الأسباب المحتملة مثل:
- عوامل الوراثة: من المحتمل أن حدوث هذا الاضطراب يرتبط بعدة جينات. كما أن في بعض الأحيان قد تحدث طفرات جينية بشكل تلقائي تتسبب في حدوث التوحد.
- العوامل البيئية: يحاول العلماء معرفة دور العوامل البيئية في حدوث اضطراب التوحد عند الأطفال.
عوامل الخطر
هناك بعض العوامل التي قد تزيد من إحتمالية الإصابة باضطراب طيف التوحد مثل:
- الولادة المبكرة: يكون الأطفال المبتسرين أو المولودين قبل عمر 26 أسبوع أكثر عرضة للتوحد.
- الإصابة بأمراض جينية أخرى.
ما هو علاج التوحد عند الأطفال؟
يحدث العلاج المبكر فرقا كبيرا في حياة الطفل، ويساعد على التغلب على صعوبات التعليم والتواصل.
ورغم أنه لم يكتشف حتى الآن علاج نهائي للتوحد، إلا أن بعض هناك نوعان من علاج التوحد تفيد في منح الطفل نمط حياة أفضل.
العلاج السلوكي
يعزز العلاج السلوكي من قدرة الطفل على اكتساب المهارات الحياتية ومهارات التواصل مع الآخرين. كما يعمل على تعليم الطفل المهارات اللازمة للاعتماد على نفسه مثل تناول الطعام أو العناية الشخصية. ويساعد علاج التخاطب الطفل على تحسين القدرات اللغوية.
العلاج الدوائي
تستخدم الأدوية في علاج أعراض التوحد عند الأطفال، والتحكم في السلوكيات غير المرغوبة مثل العنف الزائد. كما تساعد على علاج مشاكل الانتباه والتركيز، وأيضا التوتر العصبي.
كيف يمكن الوقاية من الإصابة بالتوحد عند الأطفال؟
ربما لا يمكن منع الإصابة بالتوحد، وخاصة أن أسباب المرض لا تزال غير محددة بدقة حتى الآن. ولكن هناك بعض التغييرات في نمط الحياة قد تزيد من احتمالات حماية طفلك من الإصابة بهذا الاضطراب مثل:
- الحفاظ على نمط حياة صحي
ينبغي على الأم أن تقوم بإجراء فحوصات منتظمة، والحصول على رعاية جيدة أثناء الحمل. كما أن الغذاء الصحي وممارسة الرياضة لهم دور هام في تعزيز صحتك.
- تجنب الأدوية أثناء الحمل دون استشارة الطبيب
- التأكد من الحصول على تلقيح الحصبة الألمانية قبل الحمل، للوقاية من التوحد المرتبط بالحصبة الألمانية.
- متابعة الطبيب في حالة إصابتك بالداء البطني (Celiac disease) أو الفينيل كيتون يوريا (PKU) للتأكد من استقرار حالتك الصحية.
العلاقة بين التطعيمات واضطرابات طيف التوحد
حتى الآن لم يثبت علاقة التطعيمات باضطراب طيف التوحد. بينما يعرض إهمال التطعيمات الطفل إلى العديد من الأمراض الخطيرة مثل السعال الديكي والنكاف وغيرها. لذلك احرصي على حصول طفلك على التطعيمات الضرورية.
وفي النهاية، نؤكد أن الطفل المصاب بالتوحد ليس متأخرا عقليا. بل يمكن أن يتعلم بصورة طبيعية ويستطيع الاعتماد على نفسه. يعد التشخيص المبكر والعلاج المبكر مهما للغاية في تحسين السلوك واللغة والمهارات المختلفة. ولكن حتى إذا تأخر التشخيص أو العلاج فسيكون أيضا مفيدا.
ربما لن يكون العلاج نهائيا أو شافيا، لكن في النهاية سيتمكن الطفل من ممارسة حياته بشكل أفضل.