استطاعت مصر أن تبهر العالم بالحدث الأسطوري الفريد وهو نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري بالتحرير إلى متحف الحضارة المصرية وسط احتفال مبهر شهده العالم أجمع حتى أصبحت كلمة موكب المومياوات الملكية الكلمة الأكثر بحثا في مصر والعالم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وجوجل ليشهدوا روعة الآثار المصرية القديمة.
يعد هذا المتحف هو متحف فريد من نوعه، ليس في مصر فقط بل في العالم العربي بالكامل. فهو يقدم صورة متكاملة عن الحضارة المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ وصولا إلى العصر الحديث، ويؤكد على مفاهيم الاستمرارية والثبات والاستقرار في الحضارة المصرية من خلال موروثها الثقافي المادي وغير المادي. كما يتميز المتحف بعرض مجموعات أثرية فريدة، من أهمها المومياوات الملكية وعرضها التفاعلي الجديد باستخدام أحدث التقنيات التكنولوجية؛ ليكشف لنا عن العديد من أسرار المومياوات الملكية، ومعتقدات وطقوس التحنيط عند المصري القديم.

تعرف على صاحب تصميم متحف الحضارة المصرية
الدكتور الغزالى كسيبه أستاذ العمارة بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، هو صاحب التصميم الفائز لمتحف الحضارة المصرية. بعد أن تقدم للمسابقة نحو ثلاثين متسابقا، وبعد عامين من التقييم، قامت لجنة التحكيم بإعلان فوز المشروع المقدم من المهندس الغزالي كسيبة.
حيث أن تصميمه قبل من لجنة تحكيم تضم صفوة من الأثريين والمعماريين حول العالم، من بينهم رئيس هيئة الآثار المصرية حينها الدكتور أحمد قدري، ومدير جامعة المكسيك الدكتور بيدرو راميرز فاسكس.
الدكتور مهندس الغزالى مسعد كسيبة هو أستاذ العمارة بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، حصل على بكالوريوس العمارة من كلية الفنون الجميلة. كما نال دكتوراة الفلسفة فى العمارة من كلية الفنون الجميلة بفرنسا وعمل كبير مهندسي التصميم بمكتب استشارات فرنسي. ثم عاد إلى القاهرة ليشارك في المسابقة التى أعلنت عنها وزارة الثقافة لاختيار تصميم متحف الحضارة المصرية. وذلك كان من خلال إتفاق بين مصر واليونسكو لإنشاء المتحف القومى للحضارة بجوار دار الأوبرا الجديدة.
قصة إنشاء متحف الحضارة المصرية ومحتوياته
قصة إنشاء هذا المتحف تعود إلى نحو 40 عاما، وبالتحديد عام 1983. عندما أعلنت السلطات المصرية بالإتفاق مع منظمة اليونسكو عن مسابقة، الهدف منها اختيار تصميم المتحف القومي للحضارة من بين 65 متسابقا. وتم اختيار تصميم الدكتور مهندس غزالى مسعد كسيبة كأفضل تصميم للمتحف.
ويتميز المتحف بفخامته واتساعه، تلك الفخامة يشعر بها الزائر بمجرد أن يطأ بقدميه ذلك المدخل الطويل المحاط على جانبية الأعمدة الضخمة. الممر الذي يعبره وصولًا إلي قاعة العرض المؤقتة، والتي تعرض الكثير من الصناعات المصرية علي مر العصور. هناك الكثير منها مثل الصناعات الفخارية والمنسوجات والأزياء والحلي الذهبية والفضية. وتظهر تلك الصناعات مدى تطور المصنوعات الفخارية والزجاجية في مصر القديمة والوسطي والحديثة. لذا يوجد داخل البهو العديد من المجسمات للصانع المصري، بمختلف المهن التي احترف العمل بها. كما ترى بجواره بعض الأدوات الخشبية والكراسي التي كان يجلس عليها، بالإضافة إلي الكثير من الأواني الخزفية والجداريات والأبواب، والتي تؤكد براعة الصانع المصري.

عرض أهم المقتنيات
سيتم عرض مقتنيات المتحف في معرض رئيسي دائم يتناول أهم إنجازات الحضارة المصرية. وأيضا ستة معارض آخرى موضوعاتها عن: «الحضارة، والنيل، والكتابة، والدولة والمجتمع، والثقافة، والمعتقدات والأفكار». كما يوجد ايضا معرض المومياوات الملكية، والذي يحتوى أيضاً على مساحات للمعارض المؤقتة،كما يوجد معرض خاص بتطور مدينة القاهرة الحديثة.
يعتمد سيناريو العرض المتحفي للمتحف القومي للحضارة على عرض القطع الموجودة وفقًا للتسلسل التاريخي الذي تنتمي إليه. يتنوع العرض ما بين أدوات الصيد التى استخدمها المصرى القديم وأقدم ساعة فى التاريخ. مرورا بالطراز المعماري والتراث الشعبى فى فترات مهمة من تاريخ مصر، وصولا إلى عرض أكبر كسوة كعبة، وصولا إلى أعمال فنانين مصريين معاصرين.
يحوي متحف الحضارة المصرية على معروضات يراها الجمهور للمرة الأولى. حيث يعرض هيكل عظمي عمرة 35 ألف سنة والأدوات الخاصة به، وكيف كان يعيش. كما يمكنك أن ترى كيف تكونت حضارة المعادى التى كانت تمتد إلى محافظة كفر الشيخ ثم إلى فلسطين وغزة.
كما يعرض المتحف أول وأقدم ساعة فى التاريخ عرفها المصرى القديم، وأول ساعة مائية، وأخرى شمسية. بالإضافة إلى درج لمعرفة المواقيت وعدد من أدوات الزراعة لقياس المسافات و الأراضي والمساحات لتحدد حدود الجار. كما يعرض أول مقياس للنيل الذى كان يحدد ارتفاع نهر النيل، فقد كان المسئول عن الإنذار وقت الفيضان.
يضم المتحف أبنية خدمية، وتجارية، وترفيهية، ومركزاً بحثياً لعلوم المواد القديمة والترميم. كما سيكون المتحف مقراً لاستضافة مجموعة متنوعة من الفعاليات، وعروض الأفلام، والمؤتمرات، والمحاضرات، والأنشطة الثقافية. وذلك جعل المتحف يستهدف الجماهير المحلية والأجنبية وجعله مؤسسة متكاملة لها دور مميز في نشر الوعي الأثري والتعريف على دور مصر في إرساء دعائم الحضارة الإنسانية.

أهم المعلومات عن هذا الصرح العملاق
يقع متحف الحضارة المصرية بالقرب من حصن بابليون في قلب مدينة الفسطاط التاريخية بالقاهرة،اتجهت أنظار العالم لمصر، وتحديداً المتحف القومي للحضارة المصرية، الذي يعتبر المحطة الأخيرة والوجهة النهائية لـ22 مومياء ملكية ترجع إلى عصور الأسر الـ 17، والـ18، والـ19 والـ 20، المعلومات عن المتحف هي:
1- تم وضع حجر الأساس لمتحف الحضارة المصرية عام 2002 ليكون واحداً من أهم وأكبر متاحف الآثار في العالم.
2- يتميز هذا الصرح بالتخصص، فهو متخصص في الحضارة المصرية. حيث ننتقل معه في رحلة بين مراحل تطور هذه الحضارة على مر التاريخ عن طريق أكثر من خمسين ألف قطعة أثرية.
3- يحتوي المتحف على ستة معارض تتحدث عن الحضارة والنيل والكتابة والدولة والمجتمع، بالإضافة إلى الثقافة والمعتقدات والأفكار. كما يشمل المعرض الذي يضم المومياوات الملكية.
4- يحتوى المتحف على أبنية خدمية، وتجارية، وترفيهية، ومركزاً بحثياً لعلوم المواد القديمة والترميم، وأيضا يستضيف عروض الأفلام، ومؤتمرات، وفعاليات ثقافية.
5- تم افتتاح المتحف جزئياً عام 2017، كما تم افتتاح قاعة العرض المؤقت التي تبلغ مساحتها 1000 متر مربع، وتضم معرضاً مؤقتاً عنوانه «الحرف والصناعات المصرية عبر العصور».
6- يتوسط متحف الحضارة المصرية منطقة الفسطاط في مصر القديمة، ويطل على بحيرة عين الصيرة شرقاً. ويقع بالقرب منه مجمع الأديان غرباً، وتحيطه حديقة الفسطاط وسور مجرى العيون من الشمال.

7- تبلغ مساحة متحف الحضارة نحو 33.5 فدان، منها 130 ألف متر مربع من المباني. ويتوقع أن يحتوى المتحف على نحو 50 ألف قطعة أثرية من مختلف عصور مصر القديمة وحتى التاريخ الحديث.
8- فكرة إنشاء المتحف إلى تعود لعام 1982، عندما أعلنت منظمة اليونسكو عن حملة دولية لإنشاء متحف الحضارة المصرية ومتحف النوبة بأسوان.
9- تمّ اختيار الموقع الحالي لمتحف الحضارة بالفسطاط فى عام 1999. وتمّ عمل الحفائر الأثرية بموقع المتحف في الفترة من 2000 حتى 2005.
الفرق بين متحف الحضارة المصرية والمتحف المصري الكبير
يتساءل الكثير من المصريين لماذا تم وضع المومياوات الملكية في هذا المتحف وليس في المتحف المصري الكبير. ولذلك، قام الوزير د.خالد العنانى بتوضيح أن متحف الحضارة يضم قاعة المومياوات الملكية التي تم تنفيذها على أعلى مستوى وبأحدث التقنيات. بينما يضم المتحف المصري الكبير قطع أثرية نادرة أكثرها روعة هي قاعة الملك توت عنخ أمون التي تشمل أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية من محتويات مقبرة الملك. كما أوضح أن الآثار الموجودة فى المتحف المصري بالتحرير تضم قطع أثرية نادرة وهو منارة للدراسات الأثرية. لذلك له أهمية لا تقل عن المتاحف التي تم افتتاحها مؤخرا، فهو من أقدم متاحف العالم وأكثرها شهرة وروعة. تستقطب الآثار المصرية الكثير من السياح الذين يرغبون في التعرف على هذه الحضارة العظيمة.