أثار ظهور علاج جديد لمرض البهاق اهتمامًا واسعًا في جميع أنحاء العالم، فالكثير ممن يعانون من هذا المرض يبحثون عن علاج نهائي له. وعلى الرغم من أن المصاب بالبهاق لا يعاني من الألم، إلا أنه بالتأكيد يعاني من الضغط النفسي ويرغب في استعادة لون جلده الأصلي.
يعد مرض البهاق من أمراض المناعة الذاتية، حيث يهاجم الجهاز المناعي للجسم نفسه مسببًا أعراض متنوعة. في هذه الحالة، يتم تدمير خلايا الجلد المسؤولة عن إنتاج صبغة الميلاتونين التي تمنح الجلد لونه المميز، مما يتسبب في ظهور البقع البيضاء الحليبية اللون. في معظم الحالات تظهر هذه البقع على جانبي الجسم مثل اليدين أو الركبتين، وقد تغطي مساحات كبيرة من الجلد. يمكن أن تحدث الإصابة بالبهاق في أي مرحلة عمرية، إلا أنه في المعتاد يبدأ في الظهور قبل سن الثلاثين.
ما هو العلاج الجديد لمرض البهاق؟
في خبر سعيد للمهتمين بعالم الطب والمصابين بهذا المرض، أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في يوم 18 من شهر يوليو الماضي عن موافقتها على أول علاج موضعي لهذا المرض. الكريم المسمى اوبزيلورا (Opzelura) والذي يحتوي على مادة Ruxolitinib بتركيز 1.5% هو العلاج الجديد الذي أنتجته شركة Incyte وأعلنت عن حصوله على موافقة ال FDA.
تعمل هذه المادة الفعالة على استعادة اللون أو الصبغة الجلدية في المرضى الذين يعانون من مرض البهاق. مما يسمح لهم باستعادة لون بشرتهم السابق والتغلب على البقع البيضاء الخالية من الصبغة.
يختلف العلاج الجديد للبهاق عن العلاج المستخدم قديما وهو الأثير أحادي بنزيل الهيدروكينون. والذي كان يعتمد على إزالة الصبغة من المناطق الطبيعية من الجلد لتوحيد لون البشرة. بينما يعمل العلاج الجديد على استعادة اللون الطبيعي في المناطق المصابة وليس إزالته من المناطق السليمة.
يتسبب مرض البهاق في تدمير الخلايا المسؤولة عن إنتاج صبغة الجلد، لذلك يعد البهاق أكثر وضوحا لدى الأشخاص ذوي البشرة الداكنة. وذلك لأن بشرتهم غنية بصبغة الميلاتونين، مما يظهر التباين الشديد على بشرتهم في حال تعرضت الخلايا المسؤولة عن إنتاج الميلاتونين لأي خلل.

أهم المعلومات عن الدواء الجديد
حصل العلاج الجديد لمرض البهاق على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، حيث اعتمدت استخدامه للبالغين. كما تم الموافقة على استخدامه للأطفال الذين تتجاوز أعمارهم 12 عاما.
ينتمي هذا الدواء إلى فئة المثبطات المناعية، التي تعمل على تقليل نشاط جهاز المناعة. وبالتالي، فهي تحد من تأثيره على الخلايا وقدرته على تدميرها. ولكن الجديد في هذا العلاج هو القدرة على استخدامه بشكل موضعي لتوحيد لون البشرة واستعادة الصبغة الجلدية.
لم تكن هذه هي المرة الأولى لاستخدام عقار ال Ruxolitinib كعلاج موضعي للأمراض الجلدية، فقد تم اختباره سابقا كعلاج لالتهاب الجلد التأتبي أو الإكزيما. وقد نال العقار موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية كعلاج للإكزيما في عام 2021.
طريقة استخدام العلاج الجديد للبهاق
يتم استخدام الدواء الجديد بشكل موضعي عن طريق وضعه يوميا على المناطق المصابة. ينبغي أن يتم وضع الكريم مرتين يوميا، ويمكن استخدامه لتغطية ما يصل إلى 10% من إجمالي مساحة الجلد بالكامل. أظهر الدواء نتائج مرضية عند استخدامه لمدة تصل إلى 24 أسبوعًا أو أكثر. فقد أبلغ أكثر من نصف الأشخاص الذين استخدموا العلاج الجديد عن استعادة اللون في جزء كبير من البقع المصابة، بعد عام واحد من الاستخدام.
وعلى الرغم من أن هذا العلاج هو علاج جديد، إلا انها ليست المرة الأولى التي يتم فيها استخدام مثبطات المناعة لعلاج مرض البهاق. إلا أنه كان من المعتاد تناول مثبطات المناعة عن طريق الفم. لذلك، فإن الطفرة الجديدة هو استخدام المثبطات بشكل موضعي على سطح الجلد.
قامت الشركة المصنعة للعلاج باختباره سريريًا على عدد كبير من المصابين بالبهاق المعمم أو غير المقطعي. كان المشاركون في التجارب من البالغين أو الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم ال 12 عاما. استخدم الباحثون أجهزة متخصصة لقياس التحسينات على معدل التصبغ في الجلد. وباستمرار استخدام العلاج بشكل منتظم لمدة 24 أسبوع، لاحظ الباحثون ظهور تحسنات وصلت إلى 75% من المناطق التي أظهرت إعادة تصبغ.
النسبة المرتفعة للاستجابة ألهمت الباحثين وشحذت آمال الكثير من المصابين بالبهاق. فقد يكون هذا العلاج هو الحل النهائي لمعاناتهم مع هذا المرض.

ما هو الجانب المظلم لهذا العلاج؟
قد يكون العلاج الجديد لمرض البهاق هو الأمل للمصابين بهذا المرض، ولكن هل هناك مخاطر لاستخدامه لا نعرفها حتى الآن؟ ما هي عيوب استخدام هذا الدواء؟
قد يكون العيب الأول لهذا الدواء هو ارتفاع سعره، خاصة وأن المريض قد يحتاج إلى استخدام عبوة كاملة من الدواء لجسمه يوميا إذا كان يعاني من انتشار البهاق في مناطق كبيرة من الجسم. قد يكون ارتفاع السعر هو عقبة حقيقية أمام قطاع كبير من المصابين بالبهاق والذين يأملون في الحصول على العلاج الجديد.
كما أن استخدام مثبطات المناعة عادة ما ينطوي على الكثير من التحذيرات والآثار الجانبية. فتناول المثبطات عن طريق الفم يؤدي إلى ارتفاع خطر الإصابة بالالتهابات المختلفة التي قد تكون خطيرة. كما قد تسبب زيادة معدل الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وتخثر الدم.
إلا أن الجانب الإيجابي هو أن الاستخدام الموضعي هو أكثر أمانا بكثير. فقد أثبتت التجارب السريرية للعلاج الجديد لمرض البهاق أن تركيز الدواء في الدم أقل بكثير من تركيزه عند الاستخدام عن طريق الفم. لذلك، فمن المتوقع أن العلاج الجديد هو أكثر أمانا وأقل في الأعراض الجانبية المحتملة.
العلاج الجديد للبهاق يتفوق على العلاجات القديمة
يقوم أطباء الأمراض الجلدية بوصف العلاجات الموضعية لمرض البهاق، مثل الستيرويدات الموضعية. تعمل الستيرويدات على تقليل التصبغ في الجلد مما يساعد على تقليل التباين بين المناطق المتصبغة والمناطق الخالية من الصبغة. إلا أن استخدام هذه العلاجات على الوجه كان ينطوي على الكثير من المخاطر.
استخدام الكريمات والمستحضرات التي تحتوي على الستيرويدات قد يسبب طفح جلدي مشابه لحب الشباب. المزعج هو أن هذا الطفح قد يستمر لعدة أشهر كما قد يتطور إلى التهاب حول الفم. بالإضافة إلى ذلك فهي تتسبب في ضمور الجلد أو تشققه، مما قد يؤدي إلى تغير لون الجلد بشكل غير مرغوب فيه وليس استعادة لونه الطبيعي.
كما أن الستيرويدات الموضعية تسبب ضعف الجلد ورقته، وتقلل معدل التئامه عند الإصابة بأي جرح. بالإضافة إلى ظهور الأوعية الدموية وعلامات تمدد الجلد على المناطق التي يتم تطبيقها عليها.
بينما يخلو العلاج الجديد لمرض البهاق من هذه المخاطر والتحذيرات، فمن الممكن استخدامه على الوجه بأمان تام فهو لا يتسبب في أعراض جانبية لبشرة الوجه.
قد يكون مرض البهاق مزعجًا للشخص المصاب به، إلا أنه لحسن الحظ يستمر العلم الحديث في اكتشاف حلول جذرية لهذه المشكلات.